إصابات عديدة بين صفوفه بفيروس كورونا، مدافع بقفازات حارس، مدرب يشاهد اللقاء من غرفته في الفندق، ظروف تحضير سيّئة، ونقص عددي بعد بطاقة حمراء هي الأسرع في المسابقة.. ظروف اجتمعت ليلة الإثنين لتهدي الكاميرون مستضيفة كأس الأمم الأفريقية 2021 المدججة بالنجوم وكتائب جماهير في المدرجات، فوزا تاريخيا ضد منتخب جزر القمر الذي دخل لقاءه في ثمن النهائي لتفادي ارتداء ثوب العار فقط، لكن الحدث جاء استثنائياً، مدافع يذود عن المرمى بتألق الحُراس الكِبار، رافقته استماتة دفاعية، وهجوم دون خوف وخجل للاعبي منتخب جزر القمر، جعل أهل الدار المرشحون بقوة للقب يفوزون بصعوبة كبيرة. بعد هدفان من ايكامبي وأبو بكر، ردّ مشنغاما بهدف رائع لجزر القمر اختتم به ليلة كانت تبدو في بدايتها احتفالية للمستضيف لكنها كانت كذلك للضيف، فالظروف أثببت أن جزر القمر فازت رغم الخسارة، وأن الكاميرون انتصرت لكن بدون جدارة.
الطريق للنهائيات.. تأهل تاريخي!
إذا عدنا لمشاركات منتخب جزر القمر في كأس أمم أفريقيا، فإن “كان” الكاميرون كانت الأولى من نوعها، تواجد 24 منتخبا في المسابقة منح ما سميّ بالمنتخبات المجهرية فرصة التواجد في المسابقة القارية للأمم، 9 نقاط خلف مصر ب12 نقطة في المجموعة السابعة من التصفيات منحت جزر القمر تذكرة عبور لياوندي لبداية كتابة التاريخ كما فعلت موريتانيا في كان مصر 2019، مع فارق أن القمريين مرّوا والمرابطون عجزوا حينها. 25 مارس 2021 كان يوما ذهبيا للذكرى في التصفيات، قبل أن تلحقه تواريخ أكثر لمعانا في النهائيات.
18 جانفي 2022.. سنتأهل يا أحمد موغني!
قرعة النهائيات حملت أنباءً غير سارة للدولة الفتيّة في كرة القدم، الأنباء وصلت العاصمة موروني بأن أشبال المدرب أمير عبدو سيكونون في المجموعة الثالثة ضد الكبار. غانا البطلة أربع مرات، ترافقها المغرب المدججة بنجوم أوروبا، والغابون خيار التأهل الثالث، لكن رفقاء القائد نجيم عبدو لم يرفعوا الراية البيضاء، الغابون خطفت منهم النقاط الثلاث الأولى، والمغرب سافرت أيضا بالثانية، لكن أحمد موغني والبقية رفضوا أن تُسلب منهم الثالثة، ألفاردو بن سجل لجزر القمر أول هدف في تاريخ مشاركاته، ومواكي عدل لغانا، موغني أعاد التقدم، ودجيكو أعاد التعادل لغانا، لكن أحمد موغني أبى إلا أن يجعل ليلة الثامن عشر من جانفي احتفالية بتحقيق أول فوز في تاريخ المنتخب في كأس أمم أفريقيا ورافعا الأمال عاليا في التأهل وهو ما حدث فعلاً، من بين الأربعة الأفضل في المركز الثالث جزر القمر للدور الثاني.
24 جانفي 2022.. تاريخ يبقى للتاريخ!
شاءت الأقدار أن يواجه منتخب جزر القمر ثالث المجموعة الثالثة، متصدر المجموعة الأولى والمنتخب المستضيف للبطولة، الأمور بدّت فعليا سيئة للغاية، وزادت سوءً بغياب عديد اللاعبين بسبب فيروس كورونا، لكن الأسوء أن يغيب حُراس المرمى الثلاثة، الحارس الأول سالم بن بوينا تعرض لإصابة خطيرة في الكتف، في حين دخل الحارسان الآخران علي أحمدا ومؤيد أوسيني في عزل ذاتي بعد ثبوت إصابتهما بالفيروس، قبل أن تأتي أخبار سارة بشفاء علي أحمدا، والذي قابلته اللجنة الطبية بالإتحاد الأفريقي لكرة القدم بقرار يُلزم بقاء أي لاعب يتعافى من فيروس كورونا في العزل لمدة 5 أيام على الأقل قبل العودة للمشاركة في المباريات.
رغم الظروف القاسية، اللقاء كان مبهرا لمنتخب جزر القمر الذي حارب الظروف قبل اللقاء، والنقص العددي في بدايته، وفرق الإمكانيات الفنية بين المنتخبين، واستطاع تقديم لقاء أكثر من مشرف من حيث الأداء الرائع والنتيجة أيضاً، نال به ثناء القارة أجمع بل كل من شاهد اللقاء في أنحاء العالم.
شاكر الهدهور.. لست ظهيرا أنا حارس مرمى!
خلال اللقاء لم ينافس في النجومية داخل الميدان؛ حارس مرمى جزر القمر الجديد شاكر الهدهور الذي لبس القفازات بدلا عن زملائه الحُراس الثلاثة بعدما لعب طيلة حياته ظهيرا أيسر، ولم يكن يتخيّل أبدا أن يكون حارسا بين الخشبات وفي ثمن نهائي بطولة قارية لم يشارك فيها منتخب بلاده سابقا أبدا.
شاكر الهدهور وقبل تقديم 90 دقيقة رائعة أثار الجماهير الرياضية وكثير الوسائل الإعلامية في العالم، بسبب القميص الذي خاض به المواجهة، حيث ظهر بقميصه الأساسي رقم 16، لكن الجهاز الفني اختار له رقم 3، ليتلقى تعاطفاً كبيراً، بسبب ذلك.
مشنڨاما.. والخاتمة الأروع!
دقائق جزر القمر الأخيرة في المُسابقة لم تكن أقل جمالا من استماتة عظيمة ضد المضيف بنجومه طيلة ثمانين دقيقة، بل حملت هدفا رائعا من يوسف مشنجاما، يُعدّ الأروع لحد الأن في البطولة ككل، ليكون خاتمة جميلة لمشوار مميّز للقمريين تحدوا فيه نجوم المجموعة الثالثة، والظروف الخارجية وصعوبة اللقاء في مواجهة المنتخب المستضيف، وأحد أكبر المرشحين للفوز باللقب.
كان الكاميرون.. قاعدة تميّز.
دورة الكاميرون ربما ستبقى في التاريخ لبِنة وقاعدة لإنطلاقة حقيقية لمنتخب جزر القمر، خاصة أنها لم تكن مشاركة كارثية مثبّطة للعزائم، بل جاءت كتجربة أولية ناجحة بكل المقاييس.
الأكيد أن الكل في جزر القمر بقلة عددهم فخورون وسعداء جدا بما قدمه المنتخب في الدورة الافريقية كرويا، وأيضا سعداء بغيرها مكاسب كفرصة للتعريف بالبلد. والأكيد أيضا الأن أن المستقبل سيكون جيّدا لمنتخب جزر القمر في قادم المواعيد خصوصا إذا تواصل العمل للتطوير والتحسين في الإتحادية المحلية للعبة.