في طريقي إلى ملاعب التدريب بنادي الدحيل.. كتبت القصة بأكثر من سيناريو وتساءلت عن الكيفية التي تتيح لي لقاءه دون مصاعب فهل سأجد مساعدة من أعوان الأمن وهل أهاتفه طالبا تدخله إن تعذر علي الدخول؟
وصلت لأجد كل ما جادت به مخيلتي مجرد هواجس صحفي تعود على المبالغة التي تؤدي إلى استخلاص النتائج الخاطئة.
وجدت أبواب الملاعب مغلقة..أولياء الأمور خلف السياج يتابعون أولادهم عن بعد..طفت بنظري حتى أعثر عليه.. وأخيرا بان من بعيد يتوسط اثنين أحدهما محرز الحارس الدولي السابق..
ظهر بلماضي المدرب الوطني الأب الروحي فنيا لنادي الدحيل الذي كان تحت مسمى لخويا..ظهر في مكان لم أتوقعه..شأنه شأن بقية الأولياء وهو القادر على ولوج أي مكتب مغلق في النادي وليس ملعبا للبراعم..كأني به يقدم درسا لولده يقول له : مثلك مثل البقية..لست والدك في الملعب.. سلاحك الموهبة وما تقدمه في الملعب-يقول الشهود ان ابنه موهوب فعلا- اقتربت منهم..
قررت وانا اقترب ان اتحفظ في السلام تماشيا مع تعاليم التباعد في زمن الوباء..صافحت محرز واذا به -بلماضي- يقوم للسلام مستبعدا المصافحة.. لاكتشف مرة أخرى خلل ما فكرت فيه…
بدأ الحديث في عموميات الشأن الرياضي قبل ان نمر إلى شأن خاص، يهم كل من قرأ وسيقرأ لي سأعلن عنه قريبا.
أثناء الحديث ركزت على عينيه فوجدتها تعكس صورة تمزج بين الانكسار والتحفز..بين الألم والأمل..
صدر انكساره إلى نفسي فنسيت كل ما أحمله في ذاكرتي من ملاحظات على اداء المنتخب الوطني في كأس إفريقيا..
استمر الحديث بعض الدقائق بين صحفي غير لحوح ومدرب شعاره إخفاء كل اوراقه حتى اللحظة المناسبة.. استمر الحديث في سياقه الانساني لأن كلا منا يعرف الآخر ومع ذلك استأذنته في إمكانية الاستماع لملاحظة أراها هامة حول أداء المنتخب فرد بالإيجاب مع ابتسامة فيها رسائل عديدة عنوانها واجب التحفظ…
تحدثت عن رؤية مناصر مستغنيا عن رداء الصحفي..سمع مني وقال: سنفعل كل ما في وسعنا للتأهل..
فترة الاستماع اهم من الرد.. لأنها تؤكد ميزة قد تكون سببا في تحقيق المبتغى ليس لأنه سمع مني بل لأنه سمع ويسمع كل ما يدور من أحاديث في ظل الصمت والهدوء قبل تصفية القول والانطلاق في مرحلة الفعل…
كان لقاء عابرا اعدت اكتشاف ما كان ضائعا مني عن بلماضي..لقاء هو الأول منذ فترة طويلة سمعت فيها الكثير لكني وقفت على ضرورة مراجعة ما يقال لأن اللسان في كثير من الأحيان يزيف ما تسمعه الأذن لكن عندما تحضر العين شاهدة يتغير المحتوى وليس من شاهد وسمع كمن اكتفى بالأقاويل المتناثرة هنا و هناك.