قد لا يكون الظرف مناسبا تماما ، فسقوط المدنيين العزّل مهما كان عرقهم ودينهم مرفوض ومذموم، فالخاسر الوحيد في الحروب هو ذلك الأعزل الذي لا علاقة له بالسياسة ولا مناكفات هذا العالم المتوحش!
لكن بيان اللجنة الأولمبية الدولية الذي تدعو فيه لعدم معاقبة أي رياضي ينسحب أو يرفض المشاركة في أي تظاهرة رياضية فيها رياضيون روس يجعلك تعيد مرات عديدة قراءة الميثاق الأولمبي بكل اللغات علّ هناك خطأ في الترجمة! وما الذي تغيّر فيه ؟
اللجنة الأولمبية أعطت مخرجا لكل رافض للحرب من خلال منع رفع الراية الروسية وبالتالي عند مواجهة أي رياضي روسي سيكون ذلك تحت رايتها وليس باسم روسيا، ورغم ذلك واصلت في إصدار قراراتها العقابية إلى أن تعزل روسيا رياضيا تماما…
قرارات وتحركات اللجنة الأولمبية الدولية تدفعك دفعا للعودة للصيف الماضي عند رفض المصارع الجزائري فتحي نورين مواجهة مصارع من الكيان إيمانا منه بمبادئه وكتعبير عن رفضه التام للعداون والاحتلال الذي ينكّل يوميا بالفلسطينيين وبأطفالهم ونسائهم وتسوى المباني بالأرض وتشق الطرقات وتتوقف الحياة وسط الحاجة الماسة لكل أساسياتها من غذاء وصحة..
كل هذا أمام مرأى العالم واللجنة الأولمبية والفيفا والأمم المتحدة وأي منظمة سياسية أو رياضية تختارها !!
فتحي نورين لم يتصرف إلا كما تصرفت الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية ومثلما تصرف عديد الرياضيين واتحاداتهم في هذا الأسبوع! منهم من انسحب ومنهم من رفض المنافسة ومنهم من رفض حتى أن يذكر اسم روسيا أمامه!
فما الذي تغيّر بين الصيف والشتاء ؟ طبعا لم يتغير شيئ، لأن اللجنة الأولمبية لم يسبق لها أن عاقبت أو تدخلت أو فرضت قرارات تخص انسحابات الرياضيين سواء في الحروب أو الأزمات أو حتى في الخلافات السياسية! والأمثلة كثيرة وعديدة! بل أحيانا تكون للجنة الأولمبية قرارات تحمي هؤلاء المنسحبين مثلما حدث في هذه الحرب…
فتحي نورين يوم قرر الانسحاب وهي المرة الثانية التي يُقدم فيها على هذا الموقف، وربما في الثانية كانت أكثر تعبيرا لأنها تزامنت وعدوانا غاشما إرهابيا وحشيا بلا إنسانية ولا أخلاق ضرب شعب غزّة، لاقى من بعض بني جلدته المطبعين فكريا كل أنواع السخرية والتهكم والتنمر، منهم من اعتقد أنها محاولة هروب جاهلا من يكون فتحي وما هي ألقابه وما هو الفارق في المستوى بينه وبين هذا مصارع الكيان! لكن يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله بوتين بأوكرانيا!!
اليوم انتصر نورين وقرارات اللجنة الأولمبية الدولية التي باركت عقوبته بـ 10 سنوات تنشر يوميا تحرّض الرياضيين على مقاطعة روسيا، وانتصر نورين وقرارات الفيفا تدعم كل اتحاد يرفض مواجهة روسيا أو اللعب في أرضها، وانتصر نورين والمطبعون غلّبوا في أدنى الأرض!!