لم تخرج نتائج المنتخب الوطني لكرة اليد في بطولة العالم عن المألوف.. هي نتائج تعودنا علينا منذ المشاركات الاولى في ثمانينيات القرن الماضي عدا نسخة 1995 التي حققنا فيها اول فوز وكانت بمثابة النتيجة التي نحتفظ بها في سجل التاريخ تحت عنوان الاستثناء مع العلم ان المنتخب احتل المركز الـ13 .
لن اتطرق للتحليل الفني للمشاركة ويكفي ان نشير الى رقم واحد يعبر عن تعاسة الوضع .. نسبة تصدي الحارسين في 7 مباريات ترواحت عند حدود 22% .. رقم يتحدث عن نفسه ويؤكد ان المنتخب الوطني لم يكن جاهزا لتحقيق الفوز حتى ولو لعب بطولة اقليمية وليس عالمية…
الاشكال على مستوى كرة اليد الجزائرية-على مدار التاريخ- انها تتمتع بوجهين مختلفين تماما بين الظهور القاري والعالمي ففي الوقت الذي سيطرت على المنافسة افريقيا وبرزت في العاب المتوسط كانت عكس ذلك تماما في بطولة العالم والالعاب الاولمبية لذلك يجب ان نتساءل عن السبب او بالأحرى عن الأسباب التي أدت الى ذلك الاختلاف؟
تشريح الوضع يحتاج الى تحقيق شامل يضع النقاط على الحروف لكن الإشارة إلى بعض النقاط قد تؤدي إلى تحديد معالم الطريق نحو الكشف عن سر المرض المزمن الذي تعاني منه كرة اليد..
-عدم استغلال فترة التفوق القاري في التطور نحو مستوى أعلى.
-الإكتفاء بالنهج المحلي في التدريب دون الانفتاح على مدارس أخرى.
-تخلي الحكومة تدريجيا عن برنامج الإصلاح. الرياضي الذي أدى الى اندثار أكثر من نادي على المستوى الوطني.
-صراع المصالح داخليا والحرب المعلنة على اليد الجزائرية خارجيا.
عند الدخول في باب التفصيل نجد أن الافتقار إلى لاعبين طوال القامة في الثمانينيات أدى الى ابتكار الدفاع المتقدم 3 – 3 لكن هذا الدفاع بقدر ما أفاد قاريا كان سببا في الانهيار على مستوى المواعيد العالمية لأن تطبيقه طيلة المباراة يحتاج الى جهد بدني خارق وخلال التسعينيات ومع ظهور أكثر من لاعب في الخط الخلفي يتمتع بطول القامة غاب الاهتمام وغاب الدعم المادي وصارت العملية مرهونة بالاجتهادات الشخصية والبناء على الروح والارادة فكانت النتيجة لقبا قاريا وحيدا في 96 ثم الغياب حتى 2014 وبالمقابل تزامن ذلك مع صراع المصالح الشخصية خاصة وان اطارات اليد هم الاكثر توليا للمناصب على مستوى وزارة الشباب والرياضة.
-وزيران واكثر من مسؤول صاحب قرار في الوزارة .. جعفر يفصح على سبيل المثال لا الحصر- كما أن نية ترشح درواز لمنصب رئاسة الاتحاد الدولي قبل انسحابه جعل الجزائر هدفا لهجوم خارجي مع تواطئ داخلي على شخص درواز وعلى كرة اليد الجزائرية- أملك الاسماء ومنهم للاسف بعض الاشخاص أسماء بارزة في عالم تسيير الرياضة الجزائرية.
هذه العوامل واخرى رسمت خارطة طريق انهيار كرة اليد محليا و إقليميا وقاريا وواصلت الظهور السيء عالميا رغم توفر المواهب التي نذكر منها على سبيل المثال فقط: بلقاسم فيلاح.. مسعود بركوس ومؤخرا أيوب عبدي.
وعليه نصل إلى نتجية تقول بأن كرة اليد الجزائرية مريضة مرضا مزمنا والعلاج لن يكون على مستوى المنتخب الأول أو على مستوى الاتحادية وانما على مستوى أكبر يضمن إعادة تنظيم المنافسة المحلية والتركيز والاهتمام ببعض المناطق المعروفة بتوفرها على مواهب-لن أذكر اسماء بعينها حتى لا أُتهم بالجهوية وكل من يتابع كرة اليد يعرفها تمام المعرفة- كما يجب تصفية القلوب لاتمام المصالحة بين الأجيال قبل الدخول في استراتيجية العمل على المدى البعيد وفق المعايير العالمية مع ضرورة التحلي بالصبر والتخلي عن قاعدة ” كان أبي ” التي نتغى بها منذ مدة وكانت سببا مهما في قصة المرض المزمن الذي تعاني منه كرة اليد..